A-
A+

المتقاعدون إلى أين؟ - ​بقلم: محمد الكبيسي


 

لقد أصابتني حالة من الإحباط والتعجب مما حدث الأسبوع الماضي في نفس الوقت الذي نشرت فيه المقالة عن تحويل المواطنين إلى التقاعد، أتحفتنا الصحف القطرية بأن وزير الدولة للتعاون الدولي عضو مجلس الوزراء كشف في كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للجنة المصرية القطرية المشتركة بالقاهرة بأن المشروعات التي سيتم إنشاؤها في مصر تتعدى المليارات وتفوق التوقعات مشيراً إلى أن مشروع واحد فقط يكلف 9 مليارات دولار وهو مشروع سيتم إقامته في مدينة بورسعيد ويوفر مليون فرصة عمل. إضافة إلى تنفيذ مشروع الملاحات في الإسكندرية وهو مشروع ضخم يوفر 200 ألف فرصة عمل. وأضاف الخبراء على لسان وزيرة التخطيط والتعاون الدولي، ان صاحب السمو الشيخ حمد قام بتوجيه خاص لمنح شركات المقاولات المصرية العملاقة للدخول في مشروعات البنية التحتية التي تقام على أرض قطر. إن ما جاء به الخبر، مع احترامنا الكامل لمصر وغيرها من الدول التي تستثمر فيها دولة قطر، يبين تناقضات عجيبة. ففي الوقت الذي تقوم أجهزة الدولة بخلق فرص وظيفية في بلدان أخرى تصل في حدها الأدنى إلى أكثر من مليون وظيفة بل والأمر من ذلك هو قيام أجهزة الحكومة لصالح شركات الدول الأخرى وهذا سيؤدي بدوره إلى تحويل شركات القطاع الخاص إلى للإفلاس والتقاعد المبكر.

والسؤال البريء لهذا الأسبوع هل يعرف ويعي المسؤول القطري الذي يسارع في تحويل المواطن للتقاعد نتائج عمله؟ إنه من السهل على المسئول القيام بتوقيع الأوراق اللازمة لتحويل المواطنين للتقاعد أو الإقصاء من الوظيفة ولكن النتائج التي تنتج من عمل هذا المسئول غير المسئول كثيرة جداً نورد أهمها:

  1. على مستوى الشخص
    1. انخفاض الدخل المادي وما ينتج عنه من عدم قدرة المواطن على الالتزام بالأعباء المعيشية التي تزيد يومياً.
    2. انخفاض مستويات المعيشة لغالبية الموظفين مما سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الفقر.
    3. عدم قدرة المواطن الأعزب على تكوين أسرة مما سيشيع الفساد والفجور في المجتمع.
    4. عدم قدرة المواطن على تسديد التزاماته للبنوك مما يعرضه للملاحقة القضائية أو السجن.
    5. عدم إيفائه بمتطلبات أسرته مما قد يؤدي إلى مشاكل أسرية تنتهي في الغالب إلى الطلاق وتشتت الأسرة.
  2. على مستوى الاقتصاد المحلي
    1. انخفاض معدل الادخار عند المواطن مما يقلل من إسهام الادخار في تنمية مشروعات الدولة الاقتصادية والاستثمارية.
    2. التأثير على أعمال البنوك لعدم قدرة المواطنين على تسديد ما عليهم من قروض.
    3. التأثير السلبي على الأسواق الداخلية بسبب نقص السيولة النقدية لدى المواطن.
  3. على مستوى الدولة
    1. إضافة تكاليف مالية كبيرة وزمنية للجهاز القضائي مما يقلل من فاعليته لمعالجة القضايا الجنائية الأخرى.
    2. إضافة تكاليف مالية كبيرة لأجهزة الأمنية وبالأخص لأجهزة السجون وأجهزة التحقيق.
    3. إضافة تكاليف مالية كبيرة جداً على بند المصروفات لعامة الدولة.
    4. جهات العمل الحكومية مجبرة على سداد جميع الاشتراكات عن مدة الخدمة الاعتبارية للموظف وهي في الغالب مبالغ تزيد كلما كانت خدمة الموظف قصيرة، وهذا في حد ذاته يعتبر هدراً مالياً كبيراً يجب أن تحاسب عليه تلك الجهات.
    5. إضافة تكاليف مالية كبيرة للجهاز العلاجي وبالأخص للمصحات النفسية.
    6. زيادة نقمة المواطنين على الجهاز الحكومي مما سيخلق فجوة وخلل خطير في العلاقة بين المواطنين والسلطة التنفيذية.

إن التقاعس الحكومي في التعاطي بحزم مع قضية تحويل المواطنين إلى التقاعد وتحويل عقود المشاريع للغير وإيجاد وظائف مناسبة للعاملين من القطريين ليس له مبرر. فأين يذهب المواطنون أفراد ورجال أعمال للسرقة؟ أم لتجارة المخدرات؟ كي يسددوا متطلبات حياتهم المعيشية وكما قال أبو العتاهية مع بعض التعديل ليناسب الوضع "إن الشباب والفراغ والإفلاس مفسدة للمرء أي مفسد’".

إننا نرفع هذا الموضوع إلى سمو الأمير المفدى الذي له مكانة كبيرة في نفوسنا ومحبة أكبر في قلوبنا، ونقول لسموه إن الشعب القطري أفراد وشركات يمر بمرحلة صعبة والكل يطلب تدخل سموكم لإيقاف مثل هذه التصرفات التي تعكر صفو عيش شعبك الأمن والمطمئن بوجود سموكم أميراً عليه. إن شعبك يا سمو الأمير الذي ضاقت عليهم الأرض بما رحبت فلا تجعل عليهم إلا من يحبهم ويوفر سبل العيش الكريم لهم.

والله من وراء القصد... 

Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > المتقاعدون إلى أين؟ - ​بقلم: محمد الكبيسي