A-
A+

خبرات المتقاعدين الملهمة- بقلم - حمد الكنتي


لو عدنا إلى تاريخ التقاعد لوجدنا بأنه لم يكن موجودًا في تاريخنا، حيث كان يعمل الشخص حتى يبلغ من العمر عتيّا، أو يتعب تعبًا شديدًا يقعده عن العمل، وهذا السبب هو الذي جعلهم سابقًا لا يعرفون كلمة التقاعد.

ولو تعامل بعض الناس مع كلمة التقاعد بروح إيجابية، وعرفوا أن هذا التقاعد ليس نهاية الحياة، وإنما هو بداية لعالم أفضل يعيش فيه المتقاعد حياة جميلة تُفتح له فيها آفاق الوقت، ليعمل أعمالًا لم يكن باستطاعته إنجازها عندما كان على رأس العمل.

وعندما نغير هذه الصورة الذهنية لدى المتقاعدين، فإننا سنبث في قلوبهم روحًا إيجابية، تجعل نظرتهم للتقاعد تتحول من نظرة سلبية إلى نظرة متفائلة يعون فيها أن التقاعد مرحلة تجعلهم يعودون لأنفسهم بعد أن كان العمل، ومشاغل الحياة تملأ جدول حياتهم.

إن التقاعد يعني أنك أصبحت أكثر نموًا، وخبرة .. وعليك أن لا تبقى في منزلك وحيدًا ! وإنما عليك أن تخرج إلى الناس لتنخرط في الكثير من الأعمال التطوعية، والتي تجعل الجميع يستفيد من خبراتك الواسعة، وكما يقول المثل الموريتاني (يرى العجوز المتكئ، ما لا يراه الشاب الواقف).

والشباب اليوم في أشد الحاجة إلى خبرات الكبار، لأن هؤلاء الكبار يقدمون لنا عصارة تجربتهم في الحياة، وهذا ما نلاحظه في هدوئهم النبيل، فنحن كشباب لا زال الطريق أمامنا طويلًا، ولذلك فإن لدينا الكثير من الحماسة، والتسرع، وهذا ما يجعلنا نفقد الكثير من المناصب، والأعمال، والأشياء بسبب طيش قراراتنا، وقلة خبرتنا، ولذلك فإننا نحتاج إلى الكبار ليضبطوا لنا بوْصلة الحياة.

وعلى المتقاعدين أن يعلموا أن (الكِبَر نمو وليس انحدارًا) نمو في كل شيء، فهم خاضوا جميع التجارب في الحياة، وواجهوا الكثير من المعضلات، وتخطوها بسلام ليصلوا بسفينتهم إلى شاطئ الأمان، وليبدؤوا في بث روح الأمان في قلوب الشابات والشبان .. فكل مرحلة لها ظروفها، وطقوسها، ومرحلة التقاعد من محطات العمر الجميلة.

التقاعد فرصة كبيرة لصلة الأرحام لأن أيام العمل وضغوطاته تمنع الإنسان من فعل الكثير من الأشياء التي عليه القيام بها، ولذلك فإن في التقاعد فرصة لزيارة الأقارب، وربط حبل الوصل الذي كادت أن تقطعه ظروف الحياة، وكما قالوا (تنتهي الحياة، ولا ينتهي العمل) .

المتقاعد هو الفنار الذي يرشد سفينتنا نحو الطريق الصحيح، وأنت سيد الحكمة الذي عندما نجالسه نقتبس من نوره ضوءًا يجعل حياتنا أكثر إشراقًا.. فواصل تألقك أيها الرمز الوقور، وامضِ في حياتك بكل شغف دون فتور، فبك نفهم معنى الحياة، ومعك نكتسب الخبرة، ومن خلالك نختصر الكثير من المسافات.

فلا عدمناك أيها المتقاعد المنطلق نحو الحياة، والمشع بالطاقة الوهاجة، والممتلئ بالروح الملهمة، والمتدفق بكل روائع الحياة البهيجة.

حكمة المقال

إذا أردت أن تنموَ سريعاً فجالس الكبار لتكسب الحكمة .. وتختصر على نفسك الكثير من المسافات.


Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > خبرات المتقاعدين الملهمة- بقلم - حمد الكنتي