A-
A+

الحكومة وحساب الاشتراكات - بقلم - محمد الكبيسي

 

من الأمور التي تحزن أن الجهات الحكومية تكيل بمكيالين مختلفين. وكما حدث في هضم حقوق الموظف المواطن في عدم صرف نهاية الخدمة "انظر مقالة الأسبوع الماضي" بسبب عدم صدور اللائحة التنفيذية، نجد أن الحكومة وقبل صدور اللائحة التنفيذية، قد قامت ممثلة بأجهزتها الرسمية بالاستيلاء على أموال المواطنين بشكل علني وجبري وذلك بتطبيق المادة (5) من قانون رقم (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات والتي كما أراها، قد أجبرت عدداً كبيراً من المواطنين على دفع مبالغ من حساباتهم الخاصة، بأمر من الحكومة، لصالح هيئة المعاشات والتقاعد. وتنص تلك المادة على "وبالنسبة للموظفين والعاملين الوجودين في الخدمة في تاريخ العمل بأحكام هذا القانون، تخصم الاشتراكات المستحقة عليهم عن مدد خدمتهم السابقة من المكافأة المستحقة لكل منهم أو الباقي منها بعد خصم القروض التي منحت بضمانها، ويؤدي إليهم ما تبقى منها، وعليهم أن يسددوا الفرق إن وجد".


 وعندما ذكرت المادة بخصم الاشتراكات المستحقة عليهم عن مدد خدمتهم السابقة من المكافأة المستحقة وعليهم أن يسددوا الفرق إن وجد قامت الجهات الرسمية على عجل، وبدون انتظار صدور اللائحة التنفيذية وبدون أن تترك فرصة للمواطنين بالتفكير بحساب مبلغ الاشتراك المطلوب بهذه المعادلة:


 المبلغ المطلوب = الراتب الحالي (آخر راتب تسلمه المواطن+ العلاوة الاجتماعية) × (5%) × (12) شهرا × سنوات الخدمة الفعلية.

إن ولي الأمر حفظه الله لم ينص على هذه المعادلة بل ذكر عن مدد خدمتهم السابقة وهذا النص يجب أن ينظر إليه لصالح المواطنين، فخدمتهم السابقة، التي وردت في القانون، تعني أن يتم حساب فترة خدمتهم السابقة  عن الرواتب الفعلية التي تسلمها المواطن كل شهر بشهره وهي لا تعني أن تقوم الجهات بتطبيق معادلة تعتمد على آخر راتب تسلمه المواطن. إن المعادلة حسبت على المواطن مبالغ أكثر 5% التي تسلمها فعلياً(في بعض الحالات وصلت نسبة الخصم إلى أكثر من 60% من الراتب الذي كان يتسلمه المواطن في حينه).


 إن المعادلة التي طبقت، كما أراها، فيها ظلم كبير على المواطنين لأن الراتب الذي تم حسابه هو آخر راتب تسلمه المواطن. ولو اعتبرنا، على سبيل المثال أن راتب المواطن عند تطبيق المعادلة الظالمة هو 20,000 ألف ريال عن فترة ثلاثين سنة. ولكن يجب أن لا يغيب عنا بأن مستوى رواتب كبار الموظفين في السبعينات من القرن الماضي كانت حوالي 3,500 ريال. مع مرور عشرات السنين ارتفع متوسط الرواتب بشكل بطئ إلى أن وصل إلى حوالي 20,000 ريال. وعند حساب مبلغ الاشتراك المطلوب حسب نمو متوسط الرواتب نجد أن المبلغ المطلوب دفعه من المواطن هو أقل من 200,000 ريال.


 والنتيجة أن المواطن أجبر، وبدون وجه حق، على دفع أكثر من 160,000 ريال قطري من أمواله الخاصة لصالح هيئة التقاعد، ولهذا كنا نجد أن الكثير من المواطنين بدلاً من قيامهم بتسلم الفرق كما نصت المادة أصبحوا مدانين لهيئة التقاعد.


 ووجه المواطنين مشكلة في تطبيق هذا الأمر فالبعض منهم دخل في دوامة القروض لتسديد ما عليه حتى لا يحرم من المعاش التقاعدي والبعض الآخر أصبح مهموماً لا يعرف كيف يدبر القيمة المطلوبة والبعض الذي كان يعتقد أنه محظوظ تم خصم المبلغ منه بشكل أقساط من الراتب الذي يتسلمه شهرياً والذي هو أصلاً لا يكفي متطلباته الشهرية آنذاك. المهم أن الحكومة وضعت على المواطنين ضغوطاً مالية وأخرى نفسية بدون داع. وكما عودنا سمو الأمير المفدى ووقوفه مع المواطنين ضد ممارسات حكومته فقد أمر، حفظه الله ورعاه الحكومة بدفع تلك الفروقات التي سجلت على المواطنين لصالح هيئة التقاعد. ولكن هذا الأمر يجرنا إلى عدة تساؤلات نوجهها لوزارة المالية والاقتصاد من أهمها: لماذا لم تنتظر الحكومة صدور اللائحة التنفيذية لقانون (24) لسنة 2002 بشأن التقاعد والمعاشات قبل البدء في حساب مبلغ الاشتراك؟ وما مصير أموال المواطنين الذين خصمت عليهم القيمة المطلوبة من غير وجه حق؟ وعن أموال من قام بتسديد الفرق قبل صدور قرار سمو الأمير المفدى؟ وهل هناك طريقة لاسترجاع هؤلاء المواطنين لأموالهم التي سلبت من قبل الحكومة؟


 وحتى لا أكون متجنياً على الجهات الحكومية فإنني أطلب من النيابة العامة أو من المجلس الأعلى للقضاء، وعلى حسابي الخاص تعيين خبير حسابي محايد وتكليفه للقيام بحساب حقوق عدد من المواطنين الذين عملوا بالدولة لأكثر من 20 سنة ويتم اختيارهم بشكل عشوائي للتحقق من هذا الأمر مع الطلب بتزويد سمو الأمير المفدى حفظه الله بتقرير عن الموضوع وذلك بهدف إرجاع الحقوق (إن وجدت لأصحابها).


 وفي الختام نقول إنه من مصلحتنا أن تنجح الحكومة في كل مساعيها لرفع شأن البلد بمواطنيه والمقيمين على أرضه. ومن مصلحة البلد أن يدعم المواطن جهود الحكومة لإنجاز الأعمال وفق ما أمر به سمو أميرنا المفدى وولي عهده الأمين، ولهذا فإنني أطلب من كل مواطن غيور أن يفتش حوله ويسجل الأخطاء التي ترتكبها الحكومة بقصد أو بدون قصد، وإبرازها لولي الأمر ليس بهدف السب والتشهير ولكن بهدف تحسين أداء الحكومة وتجنب العقبات التي قد تعترض تنفيذ خطط التنمية التي أرسى دعائمها سمو أميرنا المفدى.


 والله من وراء القصد.       

Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > الحكومة وحساب الاشتراكات - بقلم - محمد الكبيسي