A-
A+

متقاعدون سوبر كلاس ...الشرق ... د- علي بن سعيد النعيمي

"سالفة" رواها لي أحد الأصدقاء، أنقلها لكم كما رويت لي، ففي مجلس من مجالس قطر العامرة بأهلها جلس ثلاثة متقاعدين، بو سعد وبو راشد وبو حسن، وكعادتهم كل ليلة يجتمعون بعد صلاة العشاء ليتسامروا ويتناقشوا ويتجادلوا "يتعايون" في شؤون الحياة المختلفة، ودائماً ما تجد اختلافاً في وجهات النظر بينهم، فهذا يؤيد أمراً ما، والآخر يرى عكس ذلك والثالث هدفه الرئيسي أن يعاندهم "يناحسهم" فقط، وتمضي الليلة على هذا المنوال.

ولكن نقاشهم في هذه الليلة كان مختلفاً قليلاً، فقط دخل "بو حسن" مبتهجاً مسروراً وهو يقول لهم بصوت ملؤه الفرح والسرور، "البشارة، البشارة" فردوا بصوت واحد "تستاهل البشارة يا ذيبان، ايش وراك من العلوم الطيبة"، رد بو حسن بصوتٍ خافت هذه المرة وكأن ما سيقوله ذو أهمية قصوى وعلى درجة عالية من السرية "أخبار طيبة لكل المتقاعدين" فصرخ بوراشد "كفوا، يا ربهم بيمشون لنا بدل السكن؟"، فرد بو حسن "يسوق الله نصيب إن شاء الله، لكن هذا شي ثاني"، فقال بو سعد "عيل أكيد بيزيدون رواتبنا، والله إن يدي تحكني من يومين"، فنظر إليه بو حسن وهو يضرس على أسنانه، وقال "يا مال الحكة ما هيب زيادة راتب"، فقال بو راشد "عيل أكيد بيستفيدون من خبرتنا وبيوظفونا ولا بيسون لنا مجالس استشارية في القطاع الحكومي ولا الخاص"، فضحك بو حسن وقال: " بتبطي ما نادوك اقعد على شحم بس"، فلم يتمالك بو راشد أعصابه فصرخ قائلاً: "يا رجال والله إن اكثر المتقاعدين ابرك ألف مرة من بعض الخبراء الأجانب اللي يأخذون رواتب ولا وراهم فايدة، ولو عطونا الفرصة كان شافوا فعلنا"، فقال بو سعد وقد نفد صبره "اخلص علينا ايش وراك، يعني لا زيادة في الراتب ولا بدل سكن ولا وظيفة عيل شنهو ليكون بيزوجون المتقاعدين تراني ذاهب"، فقال بو حسن "اسكت لا تسمعك معزبتك وترقدك في الحوش"، فقال بو راشد "طالت السالفة اخلص شعندك"، فاعتدل بو حسن في جلسته وقال بصوت الواثق والعالم ببواطن الأمور وخوافيها "توني جاي من عند واحد عرقه في الماي، وقال لي إن الخطوط القطرية بيسون تخفيض خاص للمتقاعدين يوصل إلى 30 في المية، لا وأزيدكم من الشعر بيت ترى التخفيض بيشمل المتقاعد وزوجته وثلاثة من عياله"، هنا نظر بو راشد وبو سعد إلى بعضهما وهم لا يكادون يصدقون ما يسمعون من بو حسن، فقال بو سعد "اسم الله عليك يا بو حسن ما تشوف شر"، ووضع يده على جبهة صاحبه "يا ربك ما تحس بسخونة"، فقال بو حسن "والله إني صاحي وعلشان تتأكدون من صحة كلامي الوعد باكر الصباح نروح لمكتب القطرية وننشدهم"، قال بو راشد " ما به خلاف الوعد باكر عند القطرية وبنشوف صدقك من كذبك وأنا في مظنة خاطري أن رفيقك راعي العلم ما عنده إلا الضعوي"، فقاطعهم بو سعد وأشار إلى ان يقوموا بالاتصال بأحد مكاتب السفريات للتأكد من صحة الخبر، وبالفعل اتصل بو راشد بمكتب السفريات وسألهم عن خبر التخفيض الخاص بالمتقاعدين فأجابه مسؤول الحجز بأن هذا الأمر صحيح وأن لهم الأولوية في حجوزات الكراسي والترقية إلى الدرجة الأعلى، وذلك بفضل الجهود الجبارة التي بذلتها الهيئة العامة للتقاعد في إقناع الخطوط القطرية بتقديم هذا العرض السخي تقديراً للمتقاعدين القطريين.

لم يستطع بو راشد تمالك نفسه بعد سماع ما قاله مسؤول الحجوزات فأجهش بالبكاء من شدة الفرح والسرور، وكذلك فعل الآخرون، وفي غمرة سعادتهم وفرحهم سمع بو راشد صوتاً من بعيد يقول له "بابا، بابا رشود ما يبغي يقوم روحي مدرسة"، فاستيقظ بو راشد من نومه وأدرك أنه كان مجرد حلم جميل.

@drAliAlnaimi

رابط المقال

Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > متقاعدون سوبر كلاس ...الشرق ... د- علي بن سعيد النعيمي