A-
A+

التقاعد رحلة عطاء... جريدة الشرق ... منى الجهني

هل تنتهي رحلة الإنسان بالتقاعد؟ متى يبدأ الانسان بالاستعداد للتقاعد؟ هل يتوقف الانسان عن الحياة بسبب التقاعد؟ كيف يعيش المتقاعد حياته بعد أن كان جدول أعماله مليئا بالعمل؟ وهل المتقاعد يعتبر منبوذًا عند أهله وفي المجتمع؟ كيف يعيش سعيدا؟

يقول الكاتب المغربي الطاهر بن جلون إن "التقاعد هو الوقت الذي ينبغي ملؤه بالمشاريع"، وتقول إحداهن: "لقد تغيرت حياتي بعد التقاعد تماما، فأصبحت لدي وقت فراغ كبير وقت متسع لأداء واجباتي الاجتماعية والدينية والكثير من الهوايات والاعمال.. تقول هناك الكثير من الأمور تستطيع عملها بعد التقاعد، فإنما نهاية شيء ما، هو بداية شيء آخر".

وأنا أتفق مع الإثنين، فقد يعاني المتقاعد في البداية من الأمر كثيرا وتواجهه الكثير من الصعوبات حتى يتأقلم مع الوضع الجديد، ولكن في مرحلة التقاعد تبدأ نظرة المتقاعد للأحداث والأمور تختلف عن ذي قبل من زاوية أخرى تماما.

نعم.. قد تواجه المتقاعد الكثير من التحديات منها وقت الفراغ واستغلال الوقت ومنها أيضا كثرة

السفر، الزراعة، البناء، الكتابة، حفظ كتاب الله، الجانب الاجتماعي، هناك الكثير من الأنشطة والأفضل ما يوافق قدراتك وما تتميز به مشاريع كثيرة قد يمارس قيها شغفه السابق وقد يبدع جدا في ذلك.

في بعض المجتمعات يعتبر التقاعد هو النهاية في وجهة نظر البعض، فينطوي المتقاعد على نفسه ويفقد نشاطه ويعيش سلبيا مع نفسه ومن حوله وقد يكون عرضة للأمراض النفسية والاكتئاب. من المعلوم اختلاف سن التقاعد من بلد لآخر وأيضا بين النساء والرجال، واختلاف نظرة المجتمع للمتقاعد من ناحية الحقوق والواجبات مقارنة مع بعض الدول يتسبب بظهور بعض المشكلات للمتقاعدين كعدم كفاية الراتب التقاعدي.

ستيفن كوفي يقول: "من الأفضل أن تبدأ والنهاية أمامك " أي لا مفر من الاستعداد لها مسبقا حتى تعيش في سعادة وراحة طول العمر.

غالبا الشخص المتقاعد على علم أنه سيحال الى التقاعد وذلك يجعله يستعد نفسيا واجتماعيا، بل وماديا لهذه المرحلة الجديدة ولا يتفاجأ بها، كعمل مشروع أو ادخار ما لمشروع معين ... وهناك مسألة وقت الفراغ الطويل الذي لم يعتاد عليه طوال اليوم، ولكن هنا عليه أن يشغل وقته بما يفيد ويحب كالسفر أو الزراعة والكتابة وقراءة القرآن وغير ذلك. فلكل منا أسلوب حياة والمحافظة على الصحة أمر ضروري وممارسة الرياضة أمر مهم جدا، أيضا المشاركة في الأنشطة الترفيهية التي تهتم بميوله.

والتقاعد قد يكون فرصة للعمل في مجال آخر خاص او العمل التطوعي والمجال الخيري وكل ذلك له مردود إيجابي عليه ولمجتمعه، خاصة ان بعض المتقاعدين لازالوا بعمر الشباب.

ان التقاعد لا يعني ان نعيش بعيدا عن المجتمع والناس، ولا يعني أن تهمل نفسك وتفقد شغفك بالحياة ولا يعني أن تعيش بلا أهداف بالعكس من ذلك التقاعد مرحلة جديدة مليئة بالحياة والمزيد من العطاء ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام "إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها" وذلك ما يؤكد الاستمرار في العمل والعطاء، ولكن في مجالات مختلفة أخرى.

بلا شك رحلة التقاعد ليست نهاية المطاف إنما بداية جميلة لتحقيق الكثير من الأهداف والاحلام التي طالما تأجلت لضيق الوقت، هناك الكثير لتفعله، عزيزي.. عزيزتي، فمثلا؛ صلة رحم، بناء علاقات جديدة، ممارسة هوايات لم يكن الوقت كافيا لممارستها، وغيرها الكثير، فالتقاعد هو تقاعد عن العمل وليس الحياة.

وبالنهاية للمتقاعد أقول: إنما الانسان أثر فانظر ما أنت تارك خلفك. كل هذا بيني وبينكم..



Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > التقاعد رحلة عطاء... جريدة الشرق ... منى الجهني