A-
A+

مرحبا بالعائدين إلينا مجدداً- بقلم - راشد العودة الفضلي


حياة جديدة تحمل معها بشائر اكتشاف مكنونات النفس وتمنح الأفراد فرصة ثمينة للتقييم الذاتي ، واستعادة النشاط والاندماج مجددا مع محيطهم الاجتماعي بتفاؤل وحيوية وتحرر من أعباء الوظيفة ودوامها الرسمي الرتيب . 
بعد أعوام طويلة ومسيرة حافلة ، يحق للمتقاعدين أن يعودوا برؤية مختلفة وتفاعل اجتماعي عطلته ساعات العمل خلف المكاتب وحجبته جدران المباني الوزارية ومهام وقيود الوظائف الحكومية ، وقد كانوا يؤدون خدمات جليلة بلا شك للوطن والمواطن .

آباؤنا وأخوتنا المتقاعدون كنوز نفيسة ومخزون زاخر من الخبرات والتجارب العميقة التي وظفوها بكل تفان ومثابرة في مجالات القطاعات الوظيفية التي قضوا فيها سنوات عديدة من أعمارهم ، دفعوا ثمنها غاليا من صحتهم وحاجاتهم النفسية والاجتماعية ، وهذه الجوانب الرئيسة في تكوينهم النفسي الاجتماعي ينبغي الالتفات إليها بعناية فائقة ، فمن حقهم أن يشعروا بالتوافق النفسي والاجتماعي مع من حولهم من الأهل والجيران والأصحاب وكافة فئات المجتمع ، وإزالة ما يعتريهم من إحساس بالوحدة وضعف التأقلم مع الآخرين ، إنهم موظفون كبار قطعوا أشواطا كبيرة في العمل والعطاء وتشييد المؤسسات ، ثم عادوا إلينا مجددا لنؤدي مسؤوليتنا الاجتماعية الكبرى نحو تهيئة الأوضاع الملائمة لدمجهم معنا في مجالات الحياة الاجتماعية وإشعارهم بأهميتهم ودورهم البناء في المشورة وتقديم الخبرة والجلوس إليهم وتلمس مطالبهم وتسهيل معاملاتهم في الجهات والدوائر الرسمية ، وتلك مسؤولية مشتركة نتقاسم معهم أركانها 

، لنبادر نحن وإياهم في العمل سويا بالزيارات واللقاءات وتنظيم البرامج والندوات الاجتماعية ، وإطلاق الحملات التوعوية والتثقيفية المتعلقة بدمج المتقاعدين العائدين من الوظائف والمهام الرسمية الى محيطهم الاجتماعي برؤية جديدة وتطلعات مختلفة عبر وسائل ومنصات الإعلام ،  وأن يشارك المتقاعدون انفسهم في إعداد وتقديم تلك البرامج والنشرات التوعوية ، ومن المقترحات المهمة في هذا الشأن أن يتبنى المجلس البلدي المركزي مسؤولية تشكيل مجالس المستشارين الحكماء من المتقاعدين في كل دائرة انتخابية بالانتخاب والترشيح الحر بالتزامن مع كل دورة بلدية يتبعها انشاء بيوت خبرة وطنية تستقطب المتقاعدين وتوظف خبراتهم وطاقاتهم الثرية في مجالات الاستشارات والدورات التدريبية والتأهيلية للموظفين الشباب الجدد خاصة ، وبقية موظفي الدولة ، مع مراعاة أن تتبنى الجهات المعنية تهيئة مكان أو نادي اجتماعي يلتقي فيه المتقاعدون  ويمارسون خلاله انشطة اجتماعية وثقافية وترفيهية ، على أن يوفر خدمات تلبي مع مطالب واحتياجات عائلات المتقاعدين كنوع من المكافاة للمتقاعد واسرته جزاء ما قدموه من جهود وخدمات جليلة . وعلينا جميعا أن نصحح المفهوم السلبي عن التقاعد والمتقاعدين ، سعيا نحو تغيير النظرة الشائعة التي تصور التقاعد وكأنه دعوة الى القعود عن النشاط أو الركون نحو الانطواء والعزلة ، بل هو مرحلة جديدة تتفتح معها آفاق واسعة من العطاء والحيوية والتفاعل الاجتماعي المنتج والتكامل السليم مع بقية شرائح المجتمع ، انطلاقا من تقدير الذات ورفع درجة الاهتمام بالمتقاعدين وتحقيق أعلى معدلات الرضا النفسي والتوافق الداخلي ، تقول الكاتبة والمدربة القطرية إيمان راشد فارس: 
( الحياة بعد التقاعد ولادة جديدة للإنسان يعيد فيها ترتيب خياراته ، فرصة للعودة مرة أخرى للحياة ، واكتشاف خبايا الذات ، والتقاعد باب للتجديد والتغيير الذي كنا نبحث عنه منذ زمن ، التقاعد ليس اعتزالا للحياة بل إعادة النشاط في جسد أنهكه التعب ) ، مؤمنين بأن كل منا يؤدي دوره الوظيفي ليمضي به العمر ويسلم الراية من بعده لأجيال قادمة تعمل وتبتكر وتنهل من معين الخبرات السابقة ، فتكمل مسيرة البناء والعطاء وتسهم في مسيرتنا التنموية المستدامة ، وتلك سنة الله في خلقه منذ نشأة الحياة . 




Skip Navigation LinksGRSIA > الموقع > المقالات > مرحبا بالعائدين إلينا مجدداً- بقلم - راشد العودة الفضلي