مطلوب استثمار خبرات المتقاعدين الاستشارية والإرشادية وتوظيفها لخدمة الوطن
تختلفُ نظرةُ الإنسانِ لمرحلةِ التقاعد، فمنهم من ينظر إليها نظرة سوداويّة باعتبار أنها تضعه أمام مُستقبلٍ غامض تتدنى فيه إمكانية الحصول على حمايةٍ اجتماعيّة، والبعض الآخر ينظر إليها على أنها بداية حياة جديدة وفرصة لاكتشاف الذات.
وتغيير النظرة التشاؤميّة لمرحلة التقاعد، يحتاج جهودًا جبّارة على مستوى الدولة من خلال استمرار دعم المُتقاعدين بعد انتهاء مسارهم المهني ومواكبتهم عبر مجموعة من البرامج الحكوميّة، فضلًا عن وضع استراتيجية وطنيّة وخُطة عمل تهدف إلى تحديث المنظومة التشريعيّة المُتعلقة بأنظمة التقاعد بشكل دائم ومُستمرّ لإرساء نظام تقاعد يتلاءم مع تطلعات المُتقاعدين.
وتحقيقًا لهذه الغاية، أولت دولة قطر قانون التقاعد مركزًا مُتقدمًا في سُلّم اهتماماتها، وذلك انسجامًا مع سعيها الدائم والمُستمر لضمان حياة كريمة ولائقة للمُتقاعدين.
ومن هنا، كان اقتراح تعديل المواد المُجحفة في قانون التقاعد القطري الحاضر الدائم في أغلبية مشاريع المُرشّحين لعضوية مجلس الشورى في قطر، الذين شدّدوا على أنّ المُتقاعدين ثروة حقيقيّة للمُجتمع لا بدّ من توفير الضمانة اللازمة لهم ولأفراد عائلاتهم. ولعلّ أهمّ المواضيع المُقترح تعديلها تمحورت حول السعي إلى توسيع نظام التقاعد ليشمل القطريين العاملين في القطاع الخاص ورفع سنّ التقاعد المُبكّر.
ولما كانت معاشات التقاعد قد جرّدت من كل البدلات والعلاوات التي كان المتقاعد يحصل عليها (بدلات السكن،..) أقترح وضع حدّ أدنى لرواتب المُتقاعدين وإضافة البدلات المعيشيّة والامتيازات الخاصّة لضمان مُستلزمات العيش الكريم للمُتقاعدين ولعائلاتهم.
أما الاقتراح الأمثل والجدير بالثناء، فهو ذلك الرامي إلى استثمار خبرات المُتقاعدين الاستشاريّة والإرشاديّة وتوظيفها في خدمة دولة قطر، إذ إنّ التجارب التي يمرّ بها المُتقاعد خلال حياته المهنيّة تؤثر على نضجه وحكمته وتعطيه النظرة الثاقبة والقدرة على التحليل الدقيق لمُختلف جوانب الحياة. ومن شأن هذا الاقتراح فيما إذا جرى وضعه حيّز التنفيذ، أن يسهم على المدى البعيد في تنمية الاقتصاد القطري هذا من جهة، وضمان استقرار الحالة النفسيّة والاجتماعيّة للمُتقاعدين من جهة أخرى.
وفي الختام، من الضروري التنويه، إلى أنّ إرساء هذه التعديلات سيشكّل نقلة نوعيّة لنظام التقاعد في دولة قطر، لتكون بذلك السبّاقة في توفير بيئة آمنة للمُتقاعدين، تضمن حالتهم النفسيّة والاجتماعيّة، كما ستثبت للعالم أجمع، أهمية المكانة التي يحتلها مواطنوها في سلّم أولوياتها، إيمانًا منها بدورهم الجوهري في الارتقاء بالمُجتمع القطري.
الشريك المؤسس لمكتب شرق وعضو لجنة قبول المحامين
a.alhadhri@sharqlawfirm.com
@rashid7009
